نظرية العدالة

لجون رولز

 

 

 

قراءة

السيد عبد المطلب غانم

كلية الاقتصاد والعلوم السياسية

جامعة القاهرة

 

1999

 

 

 

مقدمة

يسعد الكثيرين أنهم يؤلفون، وهذا زعمهم، ويسعدني أكثر أن أقرأ، فما هذا بمؤلف وإنما هو قراءة، قراءة شكلها أمران: أحدهما اهتمام أصيل بالسؤال: العدالة والمساواة والحرية؛ أتصح أعمال الحكومة العصرية؟" إنه سؤال يثير الكثير والكثير من القضايا والاهتمامات، لعل أهمها: تلك الفجوة البادية للعيان بين درس مقررات مثل النظرية ( سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية، الخ) ودرس ظواهر الحياة، الفجوة الكامنة في عقول المثقفين بين النظرية القيمية والنظرية الإمبيريقية، الخلط المسيطر علي الخطاب بين الأيديولوجية والفلسفة والعلم ومعرفة البداهة، كيفية تقويم أعمالنا وقوانيننا وسياساتنا؛ إن قومناها، وكيف نؤسس ونحبذ مقترحات الإصلاح، أو حتى كيف نديرها.

الاعتبار الثاني نظرة إلي القيم تتشكل تدريجيا ولم تنضج بعد، ولكن ملامحها هي:

الحق أساس الوجود ومرماه، العدل تاجه، الحرية مصباحه، الكفاية غايته، الشرعية مقايسته، الفعالية حسابه، الكفاءة وسيلته، المساواة عكازه.

الحق : لا شيء يبقي إلا الحق، تسعي إليه البشرية حتى قيام الساعة، حينئذ يقضي الله تعالي بينهم بالحق ذاته.

العدل : إن لم تتسم حركة الكون بالتناغم والانسجام، فلن تكون إلا ضرب عشواء وضروبا من الصدام، ولا طريق إلي التناغم والانسجام إلا العدل، فالعدل تاج الوجود، قيمته العليا، وإن بقي الناس في تظالم أبد الآبدين.

الحرية : جماع الانعتاق والإرادة، بدونها يقاد المرء أو يسير، فلا حساب ولا مسئولية، ولا مطالب ولا قدرة، هي الضوء علي طريق العدل إلي الحق.

الكفاية : غاية العمران البشري، علي مستوى الفرد والجماعة.

الشرعية : مقايسة التمييز بين الصواب والخطأ، بين ما يجب وما لا يجب.

الفعالية : مقياس الأعمال، سواء كانت فاعلة مؤثرة أو تصوّر أنها كذلك.

الكفاءة : وسيلة تعظيم الفاعلية والكفاية.

المساواة : عصا يتوكأ عليها من يعجز لا من يقصر، وإذا نبع العجز من غيره لا منه هو.

بغض الطرف عن صياغة هذه النظرة، فإني أبحث فيما أقرأ عن حجج تؤيدها أو حجج تدحضها أو حجج تعدلها.

في هذا السياق أقرأ " نظرية العدالة" لجون رولز، التي كتب فيها واضعها الكثير كما يتضح من أعماله التي نذكر طرفا منها في نهاية هذا العمل، وكتب عنها الآخرون أكثر مما كتب عن أي عمل آخر في النصف الثاني من القرن العشرين عشرات المرات.

وأود التنويه إلي أن كلمة good متعددة المعاني، والورطة أعظم عندما يصبح الأمر متعلقا بالنظرية الخلقية، فغالبا ما تشير إلي " خير"، " جيد"، " حسن"، وغير ذلك، ولكنها في نفس الوقت تحمل معني " سلعة"، ومعاني أخري ذات ما صدقات واقعية، وقد تحريت أن لا أجعل الأمر ملتبسا، فحررتها من المعاني التقويمية حيث يجب، وحملتها بتلك المعاني حيث يجب، وأحيانا أردفتها ببيان جلاء للمعني.

أمر آخر يستحق الذكر، حقا اتبعت خطة رولز في العرض، ولكن كما قلت القراءة تحمل وجهة نظر القارئ، فربما زاد هنا، وأوجز هناك، وربما عبر عن مركزه هنا وأمسك هناك، ولكن بحكم كونها قراءة، فإنها تقتضي درجة عالية من الأمانة العلمية، فحاولت قدر جهدي أن أضع أرقام الصفحات بين قوسين () في المتن بيانا للمواضع في كتاب " نظرية العدالة"، وعندما يتعلق الأمر بنص لرولز وضعته بين علامتي تنصيص " "  تمييزا عن صياغتي.

ينقسم هذا العمل إلي ثلاثة أبواب، تعالج الفصول الثلاثة الأولي النظرية، وتطبق النظرية في الفصول الثلاثة التالية علي المؤسسات، وتناقش الفصول الثلاثة الأخيرة الغايات.

وأسأل الله الحق العدل أن تكون هذه القراءة نافعة لعباده، وسعيا علي طريق مراده.

                                   

 

ربيع الأول 1420

( ‏يونيو ‏1999)

السيد عبد المطلب أحمد غانم

كلية الاقتصاد والعلوم السياسية

جامعة القاهرة

 

 


الموقع

بيانات شخصية

المقررات الدراسية

التحليل السياسي

البحوث العلمية

إعادة بناء المشروع العلمي لأفلاطون

مشروعات المجتمع الجديد

أنباء وآراء

واحة التدريب

El Sayed A.M.A. Ghanem
Copyright © 2001 by Ghanem. All rights reserved.
Revised: 15 Oct 2001 22:23:43 .
Retrieved: